أكد معالي
وزراء التربية والتعليم العرب المشاركين في منتدى التعليم العالمي والمعرض العالمي
لمستلزمات وحلول التعليم GESS 2019، أن الثورة الصناعية الرابعة، أضحت محرك
التنمية في العالم، ومن أهم التحديات التي تواجه بلداننا العربية من ناحية خلق جيل
مهاري ومتعلم قادر على التنافسية ومواكبة احتياجات هذه الثورة، وهو ما يتطلب دعم
جهود تطوير التعليم المستدام، وتعزيز دور التكنولوجيا في عمليتي التعليم والتعلم.
جاء ذلك خلال
حفل افتتاح أعمال الدورة الثانية عشر لمنتدى التعليم العالمي والمعرض العالمي
لمستلزمات وحلول التعليم GESS 2019 الذي تنظمه وزارة التربية والتعليم، ويقام
تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس
الوزراء حاكم دبي رعاه الله، في الفترة ما بين 26-28 فبراير في مركز دبي التجاري
العالمي، بحضور ومشاركة نخبة من خبراء التعليم والمسؤولين والتربويين ورواد وخبراء
التعليم من داخل وخارج الدولة تحت شعار " نلهم، نمكن، نزدهر" .
ويعكس
المنتدى حرص وزارة التربية والتعليم على الاستفادة من مختلف التجارب التعليمية
الرائدة في دول العالم، فضلا عن جهودها الحثيثة لمواكبة آخر التطورات التقنية والتكنولوجية
في مجال التعليم بغية المضي قدما في تطوير
منظومة التعليم في الدولة بما يواكب تطلعات القيادة الرشيدة للانتقال لعصر
الاقتصاد القائم على المعرفة .
يشارك في
المنتدى 550 عارضا من 40 دولة إلى جانب تقديم 250 دورة معتمدة في مختلف المجالات
ذات الصلة بالتعليم فضلا عن مشاركة 100 متحدث من خيرة المختصين والخبراء التربويين
على مستوى العالم لإثراء تجربة المشاركين واطلاعهم على آخر المستجدات في المجال
التعليمي في ظل التطورات المتسارعة في مجال تكنولوجيا التعليم.
وتحفل أجندة
المنتدى بالعديد من البرامج والورش والدورات
التدريبية الثرية والتي تناقش أبرز توجهات التعليم الحديث وانعكاسات التكنولوجيا
على واقع التعليم، حيث تزخر الجلسات الرئيسية والتي سيشارك بها ما يزيد عن 9 متحدثين أساسيين من أصحاب التجارب التربوية الناجحة من مختلف دول العالم بمحتوى تربوي يخاطب مختلف الجوانب
الجوهرية المرتبطة بالتعليم الحديث.
وتحاكي
الدورات والورش المقدمة في المعرض عدة محاور رئيسية يندرج تحتها عدة ورش ذات صلة
بتلك المحاور ومنها التعليم في المستقبل و علم الأعصاب في التعليم إذ يشكلّ أداة
أساسية في الفصول الدراسية اليوم حيث ستستعرض ورش هذا المحور الخطوط العريضة لأحدث
البحوث الدولية لمساعدة المعلمين على تّعلم كيفية دعم وتحفيز وإلهام طلبتهم لتحقيق
الأفضل من خلال البرمجة اللغوية والعصبية وقواعد التأثير، وتستهدف ورش محور برنامج
القيادة القادة ضمن قطاع التعليم من مرحلة
رياض الأطفال إلى التعليم العالي إذ يتعرفون من خلالها على التحديات التي يوجهها قادة المؤسسات التعليمية،
والصفات التي يجب أن يتحلّى بها القائد المبدع والمهارات المطلوبة للتقدّم في
المناصب العليا.
فيما تركز
ورش محور تجربة الواقع الافتراضي على
استعراض أبرز تقنيات الواقع المعزز المستخدمة في المجالات التعليمية ،
ويتناول محور"منصة الابتكار "
أحدث الابتكارات في مجال المنتجات والخدمات ان لموجهة للمعلمين ، فيما استحدثت
الوزارة محور "قادة المستقبل" وهو محور جديد تنفرد به هذه الدورة إذ يتم
من خلاله تأهيل الكوادر التربوية لقيادة المؤسسات التربوية من خلال اكتساب
المهارات المفيدة والرؤى الجامعة في التقنيات والمهارات الأساسية للقادة .
وتتسم
فعاليات المنتدى في نسخته الحالية بالتشويق والمشاركة إذ اعتمدت في مجملها على
تطوير مهارات رواد المعرض من معلمين وتروبين إلى جانب تنظيم عروض موسيقية ودرامية
ممتعة يقدمها طلبة المدارس في الجلسات المسائية للمعرض، كما سيتم منح شهادات
معتمدة لحضور الجلسات الرئيسية .
وفي مستهل
الحفل، القت معالي جميلة المهيري وزيرة الدولة لشؤون التعليم العام الكلمة
الافتتاحية، حيث قالت: في وقتنا الحالي، أصبحت العقول الشابة عبارة عن قوى محركة
للمجتمعات، تحتاجها الدول حتى تزدهر وتعبر نحو المستقبل بتسارعٍ يتناسب مع قدرات
هذه العقول الشابة ومهاراتها وكفاءاتها.
وقالت إنه مع
هذه القوى المؤثرة لم يعد التعليم في حالة سكون، بل هو في حالة حركة متسارعة
الخطوات، ونحن في دولة الامارات العربية المتحدة، نسابق الزمن في كل شيء حتى تصنع
من المستقبل حاضراً حيوياً، حيث نريد منظومة تعليم راسخة تثري خبرات طلبتنا،
وتستثير عقولهم وتلهمهم حتى يكونوا القوى المحركة التي ستقود دولة الامارات نحو
مستقبل ننافس به الجميع.
وأشارت
معاليها إلى أنه مع تنوع الاتجاهات في استخدام التكنولوجيا في التعليم، والذكاء
الاصطناعي، والبيانات الضخمة و الــ Blockchain وغيرها من التطورات الحديثة، أصبح من
الضروري أن نواكب جميع هذه التغيرات وأن نبادر في دراستها وكيف نوظفها لتطوير
عمليات التعليم والتعلم.
وأفادت أن
مسؤوليتنا لا تقع فقط في تعليم الطلبة تعليما عصريا، بل كذلك في اعداد أجيال
متعاطفة، متسامحة، تكون على وعي تام بما يحدث حولها، لافتة إلى أننا لن نتمكن من
النجاح إذا لم نركز على الانسان ونمائه عاطفياً وعقلياً، بحيث يكون يكون الطالب
فرداً مسؤولاً يعرف كيف يتخذ قراراته ويختار الصحيح منها والتي تؤثر ايجابياً عليه
وعلى بيته وقريته ومجتمعه، وبالتالي على دولتنا الغالية.
وأضافت: لهذا
انطلق اليوم منتدى التعليم العالمي لعام 2019 تحت شعار "نلهم، نمكن،
نزدهر"، نريد أن نلهم طلبتنا وأن نمكنهم حتى نحقق الازدهار المنشود، ونحن في
دولة الامارات لا نسعى لتحقيق الازدهار فقط على أرض الوطن، بل نسعى أن نكون مثالاً
لبقية دول العالم في مد يد التعاون، وغرس الأمل، وتحقيق الازدهار للجميع. وحتى
نحقق هذا الشيء نحتاج إلى طلبة متسلحين بمهارات المستقبل، المهارات التي ستساعدنا
في تحقيق رؤيتنا.
وأوضحت أنه
في هذا الصدد، وضعت دولة الامارات الخطط لتحقيق التكاملية بين التعليم والمهارات
المستقبلية المطلوبة، حيث تم إطلاق استراتيجية المهارات المتقدمة التي تحتوي على
اطاراً للمهارات المتقدمة تركز أولاً، على المهارات الأساسية كالقراءة والحساب،
وثانياً الكفاءات وكيفية التعامل مع التحديات المعقدة، وأخيراً، السمات الشخصية
وكيفية التعامل مع البيئة المتغيرة.
وشددت
معاليها على أن المهارات أصبحت أولوية يجب أن نركز عليها في التعليم، لأننا نريد
طلبة مهرة مستعدين لخوض تجارب تعليمية وحياتية مختلفة، والانطلاق في سوق العمل بكل
تحدياته، لذا من الضروري أن نركز على قياس
مهارات الطلبة، وتحديد الفجوات والعمل على سدها من خلال البرامج التعليمية
والاثرائية الضرورية، مؤكدة أننا نسعى في دولة الامارات إلى أن تلعب منظومة
المهارات المتقدمة دوراً كبيراً في تزويد الطلبة الإماراتيين والكادر الوطني
بمهارات المستقبل المطلوبة لسوق العمل ومتغيراته والقائم على المعرفة عن طريق
ترسيخ مبدأ التعلم مدى الحياة، ونحرص على أن يكون منتدى التعليم العالمي والمعرض
العالمي لمستلزمات وحلول التعليم إحدى الفرص للالتقاء بالخبرات حتى نتعرف أكثر على
اتجاهات التعليم والمهارات.
وقالت: نفخر
في دولة الامارات أن قيادتنا تعد نبراساً لنا في مهمتنا الوطنية، نستلهم منها
الدافعية والحافزية لتحقيق تعليم مستدام، وتتمثل في قول سيدي صاحب السمو الشيخ
محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله:
" نراهن على التعليم في سباق الأمم.. والاستثمار في تنمية الإنسان هو
الاستثمار الوحيد الذي لا يعرف الخسارة .. وهدفنا أن نكون الأفضل في التعليم
عالميًا".
من جانبه،
أشاد معالي الدكتور ماجد النعيمي وزير التعليم في مملكة البحرين خلال كلمته بمنتدى
التعليم العالمي بدعم القيادة الرشيدة اللامحدود للتعليم في دولة الإمارات،
واهتمامها المتواصل ورعايتها كذلك
للتظاهرات التربوية والمنتديات التعليمية التي تؤصل لمسيرة تعليمية رائدة
على المستوى العالمي وذلك بهدف المضي قدما في تطوير المورد البشري للانتقال إلى
عصر الاقتصاد القائم على المعرفة .
وقال معاليه
إن مسيرة التعليم في عالمنا العربي تواجه تحديات جسام تلقي بظلالها على المعنيين
بالشأن التربوي، ومرد ذلك إلى التسارع المطرد في المجالات التكنولوجية التي تستوجب
مواكبتها عبر العمل على تجديد مفهوم وأدوات التعلم بشكل متواصل، لافتا الى أن تغير
مهارات العيش وكذلك نوعية المهارات التي يتطلبها المستقبل ومجموعة الكفايات التي
تستوجبها شروط الثورة الصناعية الرابعة تعتبر أبرز موجهات العمل التربوي الناجح.
وتطرق معاليه
إلى أبرز الكفايات والمهارات التي يجب محاكتها في النظم التعليمية وتمكين الطلبة
منها لا سيما وأن العالم بات على اعتاب
الثورة الصناعية الرابعة وتتمثل تلك المهارات في التفكير الناقد والقدرة على
القيادة وصنع القرار ومهارات التواصل والتعلم المستمر و الاستراتيجيات اللغوية
والتكنولوجية.
وأشار معاليه
في ختام كلمته إلى مفهومي التعليم
الإلهامي والتمكيني لدورهما في إحداث النقلة النوعية المنشودة في النظم التعليمية
المعاصرة، مشيرا إلى أبرز دعائمهما، وهي العمل على استثارة العقول وتوفير تعليم
عميق ذوو معنى، فضلا عن ضرورة تنويع بيئات التعلم وإيجاد منظومة تقيمية تحفيزية
للطلبة والاهتمام بالتكنولوجيا والابتكار
بدوره استعرض
معالي الدكتور طارق شوقي وزير التربية
والتعليم المصري خلال كلمته في المنتدى استراتيجيات المنظومة التعليمية الحديثة في
مصر، وتطرق إلى أبرز المعايير التي تراعيها المنظومة لجعلها مواكبة وعصرية وتستجيب
كذلك للأولويات التنموية في جمهورية مصر العربية.
وقال معاليه:
"عملنا في مصر على إنتاج منظومة تعليمية جديدة كليا ولكافة المراحل العمرية
في ظل متطلبات المرحلة المقبلة وما يصاحبها من ثورة صناعية متعددة الأبعاد،
مستلهمة أفضل الممارسات العالمية في المجال التربوي، وهو ما تطلب بذل جهود جبارة
بغية رفد الطلبة بمهارات مواكبة لعصرهم، لافتا إلى أنه يوجد في مصر ٢٢ مليون طالب
وطالبة في مرحلة التعليم العام، فضلا عن ٣
ملايين في مرحلة التعليم الجامعي .
وأوضح معاليه
أن المنظومة التعليمية في مصر أفردت اهتماما بالغا بموضوع التعلم الذكي وتمكين
الطلبة والكوادر التربوية من التقنيات الحديثة في مجال التعليم إذ عملنا على توفير
قرابة 700 ألف جهاز لوحي للطلبة وعملنا على إتاحة مناهجنا الكترونيا.
وتحدث معاليه
عن ابرز سمات المناهج التعليمية في مصر قائلا : "تزخر مناهجنا التعليمية
بالقيم للحفاظ على الهوية المصرية، وتهتم كذلك بالجانب المهاري لدى الطلبة من أجل
تمكينهم من المنافسة في أسواق العمل المستقبلية وذلك في ضوء التسارع الهائل في
المجال التقني والمهارات ذات الصبغة العالمية التي يجب أن يتقنها الطلبة فكرا
وممارسة.
وقدم سعادة أوللي
بيكا المدير العام للوكالة الفنلندية للتعليم ورقة عمل بعنوان نظام التعليم كمنصة
ابتكار للتعلم مدى الحياة، سلط فيها الضوء على أهمية التكنولوجيا في النظم
التعليمية الحديثة بوصفها محركا ودافعا لاستدامة التعلم.
وقال سعادته،
إن التكنولوجيا تمثل حافزا للمجتمعات للتعلم مدى الحياة من خلال بث روح التجدد في
العلمية التعليمية وأدواتها وهو أمر يجب أن نحرص عليه كمحرك رئيسي لتحقيق نقلة
نوعية في مجال التعليم في كافة المجتمعات.
وحدد سعادته
ثلاثة مستويات للمتعلمين، المستوى الأول يتمثل في المتعلم الفرد والثاني في المدارس
فيما يمتد المستوى الثالث ليشمل كافة عناصر المجتم، داعيا إلى مراعاة خصوصية كل مستوى بما يتوافق
مع أهداف التعلم الخاصة به للوصول تاليا إلى تعليم نوعي للجميع .
وتطرق سعادته
إلى التجربة الفنلندية في التعليم خاصة في مجال التعلم الذكي قائلا : "
تستعين المدارس في فنلندا بالشركات التكنولوجية الناشئة وخبراء التعليم الحديث من
أجل إيجاد حلول لتدعم مهارات التعلم في القرن الحادي والعشرين."
فيما تطرق
الدكتور أنانثا كومار دوراياباه مديرمعهد اليونسكو - المهاتما غاندي للتربية من
أجل السلام والتنمية المستدامة في ورقة عمله والتي جاءت بعنوان "التعليم من
مفترسين إلى مربين" إلى أهمية تطوير الذكاء العاطفي لدى المتعلمين كسبيل
لإحداث التغييرات السلوكية المطلوبة.
وأوضح أنه
على النظم التعليمية أن تعتني في بناء الذكاء العاطفي للطلبة ولا تكتف ببناء
ملكاتهم الذهنية والعملية والمعرفية فحسب، وذلك من خلال تحفيزهم على تبني قيمة
التعاطف كمدخل لتغيير أسلوب تفكيرهم
وإدراكهم.
وختم د.
أنانثا كومار باستطلاع عالمي أجري في عام 2015 مستهدفاً عددا من الشباب، أظهر أن
التعليم من أجل غايات السلام والتنمية المستدامة وحقوق الإنسان كان له تأثيرات
محدودة عليهم، ولكن في الوقت ذاته كان لديهم تعاطف إزاء تلك المحاور وهو ما يمكن
استغلاله لتطوير ملكاتهم.
من ناحيتها قالت الدكتورة ميشيل بوربا عالمة نفس تربوية خلال مشاركتها
في ورقة عملها، أن التعاطف مهم لإنتاج أجيال متعاونة في ظل التطورات التكنولوجية
التي باتت تلقي بظلالها على العلاقات الإنسانية، مبينة أن ميزة التعاطف إذا تم
تكريسها لدى الطلبة فإنها كفيلة ببناء رأس مال اجتماعي عصري يمزج ما بين القيم
والتكنولوجيا وهو ما من شانه جعل المدارس أكثر الهاما وقوة وفاعلية
26/02/2019