انطلقت في فندق باب القصر - أبوظبي أعمال " المؤتمر الدولي الأول حول القياس والتقييم والتقويم في التربية " الذي تنظمه كلية الإمارات للتطوير التربوي بالشراكة مع وزارة التربية والتعليم تحت رعاية معالي جميلة بنت سالم مصبح المهيري وزيرة دولة لشؤون التعليم العام تحت شعار " تطوير آليات التقييم والتقويم في التربية من خلال التطبيقات والبحوث" بمشاركة ما يزيد على 350 باحثا وأكاديميا من 40 دولة للاطلاع على أبرز المستجدات حول آليات القياس والتقييم والتقويم في التربية.
افتتح المؤتمر معالي الدكتور أحمد بن عبد الله حميد بالهول الفلاسي وزير دولة لشؤون التعليم العالي والمهارات المتقدمة.. ويسلط المؤتمر الضوء على أحدث آليات مراقبة جودة التعليم ورصدها من أجل تقييم أداء مؤسسات التعليم بكفاءة وتقييم أداء الطلبة والنواتج التعليمية وقياسها وفقا لمعايير التقويم العالمية بهدف تحسين المنظومة التعليمية بشكل عام بما يسهم في إعداد الجيل القادم على نحو ملائم لتلبية متطلبات القرن الحادي والعشرين.. كما يقدم المؤتمر فرصة للتربويين للاستفادة من العروض التقديمية والنقاشية التي يقدمها خبراء في تطوير المنظومة التعليمية من مختلف دول العالم.
وأكد معالي الدكتور أحمد بن عبد الله حميد بالهول الفلاسي وزير دولة لشؤون التعليم العالي والمهارات المتقدمة في كلمة الافتتاح المؤتمر الذي يستمر يومين أن التعليم اليوم أكثر تخصصا وأقل نمطية فجميعنا ندرك الحاجة المستمرة لتبني ممارسات آنية تدعم مسيرة التعليم لأبنائنا وبناتنا الطلبة وهذه الممارسات لا بد لها أن تكون سريعة الاستجابة وقادرة على تطويع المعلومات لتشكيل تجربة تعليمية خاصة ومتميزة ومصممة حسب الطلب والحاجة.
وقال معاليه " كثيرة هي قصص النجاحات الخاصة بأناس أحدثوا فارقا وحققوا تأثيرا ملموسا في عالمنا.. وحين نتتبع قصصهم ومسيرتهم التعليمية بشكل خاص نجد بأنهم يملكون شيئا يميزهم عن الآخرين ألا وهو طريقتهم ونهجهم في التعلم بالدرجة الأولى الأمر الذي نتجت عنه مشاركتهم المختلفة التي عادت بالفائدة على الإنسانية". وأضاف معاليه " حين يكون التعليم متميزا يفتح آفاقا أوسع ويعطي فرصا أكبر لتحقيق إنجازات بشرية قيمة".
وأوضح معاليه انه في الوقت الحاضر حديث التعليم يتمحور حول تحقيق نهج شامل في التعليم والذي يهدف لبناء أفراد يمتلكون مجموعة من المهارات المتعددة والمتكاملة بطريقة تضمن استقلالية التفكير والتحليل وفي الوقت ذاته تضمن القدرة على العمل مع الجماعة ومواكبة التغيرات والتطورات.
وأشار الى ان العالم في تغير مستمر ومعه تتغير المعرفة البشرية وواجبنا الأول كقائمين على العملية التعليمية يتمثل في ضمان مواكبة التجربة التعليمية لهذه التطورات السريعة المحيطة بنا..وقال " اليوم أتوجه إليكم بصفتكم ميسرين وليس فقط كمعلمين فأنتم الميسرون للعملية التعليمية التي تضمن تحقيق الأفضل لأبنائنا وبناتنا الطلبة على الصعيدين الأكاديمي والشخصي".
وتابع " إذا ما نظرنا حول العالم نجد بأن كل نظام تعليمي يختلف وفقا للفلسفة التي بني عليها وآلية التقييم الخاصة به.. وعلى الرغم من أن نظم التعليم ذات الأداء العالي غالبا ما تختلف فيما تعتبره جوهر عمليات التقييم والقياس المتعلقة بها إلا أنها جميعا تتفق في نهاية المطاف على أهمية وجود أنظمة تقييم محددة وفعالة تحقق التوازن بين أساليب التقييم التكويني والتلخيصي.
وأضاف انه اذا لم يتم تحديد عمليات التقييم والاختبار وقياس التعلم بشكل واضح ولم يستوعب المعلمون والقائمون على عملية التعليم الغرض من طرق التقييم المختلفة فإن أنظمة التعليم تبقى معرضة للفشل ولتحقيق هذا التكامل نحتاج إلى معلمين يدركون ديناميكيات هذا النهج الشامل ويعون أهمية وحجم دورهم القيم في ضمان اتساق هذا النهج الحديث." وقال معالي الدكتور أحمد بالهول الفلاسي " نعيش اليوم في عالم ذي تغيرات سريعة الوتيرة في كافة مجالات المعرفة ويصاحب هذه التغيرات ظهور مهارات جديدة.. وأمامنا جميعا هدف يتمثل في ضمان جاهزية أنظمتنا لقياس هذه المهارات الجديدة.. فهناك فرق محوري بين تقييم معرفة الطلبة وتقييم المهارات التي يمتلكونها.. ومن هنا تأتي الحاجة لإجراء تعديلات على نظم التقييم لنتمكن من قياس هذه المهارات الناشئة".
وأضاف معاليه في ختام كلمته ان شباب الجيل الناشئ يتفاعلون اليوم مع عالم ذي معلومات وإبداع وقدرات وتطورات تكنولوجية متزايدة.. نحن بحاجة لتكون نظم التقييم التي نتبعها قادرة على تحفيز الطلبة بما يساعدهم للوصول إلى وإطلاق أعلى إمكاناتهم.. فقد عفى الزمن على أنظمة التقييم التقليدية وتوجهنا المستقبلي يكمن في التركيز على أنظمة وممارسات تقييم وقياس آنية في مرونتها واضحة المعالم وفعالة.
حضر حفل الافتتاح الدكتور عارف سلطان الحمادي رئيس مجلس أمناء كلية الإمارات للتطوير التربوي وعدد من المدراء التنفيذيين وممثلين من دائرة التعليم والمعرفة – أبوظبي وعدد من الوكلاء والوكلاء المساعدين والمدراء وممثلين عن وزارة التربية والتعليم وأعضاء مجلس الأمناء والإدارة العليا لكلية الإمارات للتطوير التربوي بالإضافة إلى مدراء وأعضاء هيئة التدريس وباحثين وخبراء من مختلف الجامعات والمدارس والمراكز والمؤسسات التربوية والتدريبية في الدولة وخارجها وحشد من الضيوف والمشاركين بالإضافة إلى الطلبة وأعضاء الهيئة التدريسية في الكلية.
ويقدم المؤتمر للتربويين والقادة والباحثين في مجال التربية فرصة التواصل والاستفادة من خبرات خبراء دوليين ومحليين في مجال القياس والتقييم والتقويم التربوي.
وتضمنت فعاليات اليوم من المؤتمر العديد من الجلسات والأوراق البحثية والحلقات النقاشية حيث ألقى الدكتور سكوت باريس أستاذ وباحث في التربية من المجلس الأسترالي لأبحاث التربية ورقة بحثية افتتاحية بعنوان " الاتجاهات العالمية في التقييمات الواسعة النطاق" تناول خلالها الاتجاهات العالمية في التقييمات الواسعة النطاق التي تؤثر على اختيار وتدريب الأفراد في المجال التربوي.. وناقش إيجابيات وسلبيات كل اتجاه كما أولى اهتماما خاصا لدور التكنولوجيا والقياس في هذا المجال.
وقال أن الكثير من البلدان حول العالم تسعى إلى استخدام أدلة أكثر فاعلية لوضع سياسات وطنية بشأن التعليم ورأس المال البشري.. وأصبحت تستند هذه الأدلة بصورة متزايدة إلى التقييمات الواسعة النطاق على الخصائص المعرفية واللغوية والشخصية.. كما استعرض ما تقدمه اختبارات مثل "
PISA
وTIMSS " من بيانات لاستخدامها في وضع مناهج تعليمية وتربوية جديدة و فائدة اعتماد اختبارات الكفاءة في اللغة الإنجليزية مثل توفل و إيلتس كمعايير القبول للبرامج الجامعية.
واستعرضت الورقة البحثية الثانية التي قدمها الدكتور بيتر أدمز من منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية في فرنسا ومدير برنامج بيسا للمدارس ما يمكننا أن نتعلمه من برنامج التقييم الدولي للطلاب "بيسا" وتناول الملامح الرئيسية للبرنامج وأحدث التطورات التي طرأت عليه مشيرا إلى إزدياد عدد الدول المشاركة في البرنامج من 43 في عام 2000 إلى 80 دولة في عام 2018 مما يدل على فعاليته في تطوير معايير التعليم.
وتناولت الورقة البحثية الثالثة تقييم جودة التعليم في المدارس والتي استعرض من خلالها الدكتور أسامة عبيدات من دائرة التعليم والمعرفة في أبوظبي تجربة أبوظبي في ذلك مشيرا إلى الجهود التي بذلتها دائرة التعليم والمعرفة في أبوظبي لتحسين جودة التعليم في جميع مدارس الإمارة كما تطرق إلى الخلفية التاريخية والنظرية للتفتيش أو التقييم المدرسي وناقش أهداف نظام التقييم التابع للدائرة ومعايير الأداء والمؤشرات المستخدمة لقياس الجودة وأثر ذلك في تحسين سياسات مدارس الدائرة على مدى السنوات ال 8 الماضية.
وتطرقت الورقة البحثية الرابعة من تقديم الدكتور مارك رسل باحث من جامعة خليفة إلى بعض التحديات التي ينطوي عليها التقييم الأكاديمي للطلبة والطرق التي يمكن أن نطور بها تصاميم للتقييم تؤدي إلى منظومة تعليمية مبرمجة وأكثر شمولية.. فيما تناولت الورقة الخامسة ما يجب على المدرسين معرفته حول التقييم الدولي الواسع النطاق حيث استعرضت الدكتورة تيريزا هوفنبك من جامعة أكسفورد في الولايات المتحدة الأمريكية من خلال هذه الورقة نتائج 654 دراسة تجريبية حول بيسا و114 دراسة حول بيرلس وفسرت كيفية استخدام بيانات ونتائج هذه الاختبارات في تعزيز كفاءة القراءة والكتابة لدى الطلبة.
من جانبه أكد الدكتور عارف سلطان الحمادي رئيس مجلس أمناء كلية الإمارات للتطوير التربوي حرص الكلية على تنظيم أهم المؤتمرات التربوية التي تشجع على تبادل الأفكار ومناقشة أفضل الممارسات الجديدة التي يمكن تطبيقها وتطويرها لإنشاء منظومة تعليمية مستدامة وعالية الجودة.
وقال أن تنظيم هذا المؤتمر يدخل ضمن استراتيجية الكلية لدعم البحث العلمي في مجال القياس والتقييم والتقويم التربوي ولتوفير الفرص التدريبية للتربويين وتطوير مهاراتهم في هذا المجال حيث يعد المؤتمر منصة هامة لاستعراض أحدث الأبحاث والاستفادة من نتائجها لتطوير النظام التعليمي بما يتوافق مع رؤية القيادة الرشيدة وما وضعته من خطط استراتيجية شاملة تسعى للارتقاء بمستوى مخرجات التعليم بما يواكب التطور النوعي والشامل في الدولة.. مشيدا بالتعاون بين وزارة التربية والتعليم والكلية في تنظيم هذا المؤتمر والذي يخدم أهدافهم المشتركة لتكون دولة الإمارات في طليعة الدول التي تحتضن النقاشات العالمية والتي تهدف إلى صياغة مستقبل التعليم.
09/11/2017