نظمت الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف
اليوم بفندق سانت ريجس في أبوظبي ملتقى " الإمارات تطوِّق التطرف " بحضور
نخبة من العلماء والمفكرين من عدد من دول العالم العربي وذلك برعاية من وزارة شؤون
الرئاسة .
واستهدف الملتقى فئة الشباب من خلال تسليط
الضوء على أهم القضايا الفكرية التي تنتشر في محيطهم وتتعلق باهتماماتهم وتصحح المفاهيم
والتصورات المغلوطة لديهم تلك التي تستغلها الجماعات المتطرفة لاستقطابهم والتغرير
بهم وتنفيذ أجندتها في المجتمعات المستقرة.
شارك في الملتقى معالي حسين بن إبراهيم
الحمادي وزير التربية والتعليم وسعادة الدكتور محمد مطر الكعبي رئيس الهيئة العامة
للشؤون الإسلامية والأوقاف وسماحة الدكتور محمد الخلايلة المفتي العام للمملكة الأردنية
الهاشمية ومن ضيوف صاحب السمو رئيس الدولة –حفظه الله كل من العلامة عبد الريس عضو
الرابطة المحمدية للعلماء بالمملكة المغربية والدكتور مصعب السامرائي أستاذ الفقه المقارب
بجامعة الإمام الأعظم ببغداد والداعية سليمان حسين الطريفي من وزارة الشؤون الإسلامية
والدعوة والإرشاد في المملكة العربية السعودية والدكتور إبراهيم الدبل مدير إدارة التدريب
الدولي في شرطة دبي سابقا .
وقال معالي وزير التربية والتعليم في كلمته
حول دور التعليم في التحصين الفكري للشباب إن وزارة التربية والتعليم تقود اليوم مسيرة
عامرة لبناء الوطن حيث تتحمل مسؤولية عظمى ومهمة أسمى لتنشئة أجيال المستقبل على القيم
الأصيلة والمبادئ السليمة التي تؤهلهم لخدمة وطنهم وبناء نهضته وحضارته.
وأضاف "التعليم كان ولا يزال هو الرهان
الحقيقي للدول التي تتطلع إلى ترسيخ موقعها بين دول العالم فهو بلا شك محرك أساسي في
تقدم الشعوب وتطورها وفي ذلك يقول رائد نهضتنا وباني حضارتنا الوالد المؤسس الشيخ/
زايد -طيب الله ثراه- :"رصيد أي أمة متقدمة هو أبناؤها المتعلمون وإن تقدم الشعوب
والأمم إنما يقاس بمستوى التعليم وانتشاره". وعلى هذه الرؤية الثاقبة سارت القيادة
الرشيدة بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله"
فصدرت التوجيهات السامية لتوحيد النظام التعليمي ضمن منظومة متجانسة واستراتيجية شاملة
لتخريج جيل إماراتي واع بواقعه ومستشرف مستقبله يتمتع بأفضل المعايير المحلية والإقليمية
والعالمية.
وأكد معالي حسين بن إبراهيم الحمادي على
إن تحصين التعليم من اختطاف الجماعات المتطرفة واجب وفرض يمليه علينا ديننا الإسلامي
الحنيف وثقافتنا الوطنية القائمة على مبدإ التسامح واحترام الآخر وقبوله والتكامل المعرفي
البناء مع مختلف الديانات والشعوب وإن تطويق خطاب التطرف والكراهية لا يتم إلا من خلال
مناهج تعليمية نقية وبيئة دراسية متسامحة وشراكات استراتيجية شاملة بين المؤسسة التعليمية
والجهات الفاعلة الأخرى من أجل التكامل والتحصين.
واضاف معاليه انه يأتي في هذا السياق الملتقى
المبارك الذي تنظمه الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف ضمن برنامج أصحاب الفضيلة
العلماء ضيوف صاحب السمو رئيس الدولة – حفظه الله- في الاستراتيجية الوطنية لدولة الإمارات
العربية المتحدة القائمة على تكاتف وتعاضد جميع المؤسسات الحكومية والخاصة في الدولة
من أجل الوصول إلى محصلات رصينة ومخرجات قويمة تعزز المنظومة التعليمية في الدولة لتطويق
الفكر المتطرف وتجفيف منابع، والتخلص من سمومه التي لوثت عقول شبابنا وأفهام أبنائنا
مدة غير قليلة للزج بهم في دوامات القتال وحومات العنف والإرهاب وبؤر الصراعات والفوضى
والرعب والدمار.
وقال معالي حسين بن إبراهيم الحمادي لقد
أدركت دولة الإمارات العربية المتحدة مبكرا خطورة وأزمة ما أفرزه الخطاب المتطرف من
نتائج وخيمة على استقرار الأوطان وتنبهت إلى الاستراتيجيات الظلامية التي تبنتها الجماعات
المتطرفة لاستغلال المؤسسات التعليمية بمختلف مراحلها كمصيدة تقتنص بها عقول بناة الوطن
في المستقبل وبوابة تعبر من خلالها إلى تحقيق مآربها وغاياتها الأيدلوجية.
واعتبر معاليه انه وانطلاقا من ذلك الدور
الفعال الذي يلعبه التعليم في التحصين الفكري للشباب ضد الأفكار الهدامة والمعتقدات
المنحرفة وتعزيز انتمائهم للوطن وولائهم للقيادة الرشيدة والعمل بشكل وقائي على حماية
الشباب وفق خطة شاملة وسياسة مستدامة جاءت تلك المبادرات الوطنية الكريمة التي أطلقتها
ودعمتها القيادة الحكيمة، والتي تمثل نقلة نوعية في مسار العملية التربوية وتطويقا
محكما للفكر المتطرف وتحصينا داخليا للمنظومة التعليمية القائمة على الطالب والمدرس
والمناهج الدراسية والمبادرات والأنشطة الأساسية والرافدة.
واستعرض معاليه تلك المبادرات الوطنية مثل
مادة «التربية الأخلاقية» التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي
عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة كاستراتيجية عالمية لمواجهة التطرف الفكري
والانحراف الأخلاقي والتركيز على بناء شخصية الشباب الإماراتي وغرس القيم الإيجابية
القائمة على مبادئ التسامح والاعتدال والانفتاح والتعايش بما يكفل التحصين الفكري للأجيال
ضد أي تهديد أو خطر من قوى التطرف والظلام.
كما تشمل مبادرة «المدرسة الإماراتية» والتي
ترتكز على إحداث تحول جذري في مقومات وشكل التعليم على مستوى الدولة من خلال مواصفات
قياسية عالمية الأداء والاستناد إلى مناهج علمية حديثة ومطورة تهدف إلى إكساب الطلبة
شخصية أصيلة قيادية واثقة وشغوفة بالمعرفة ومبدعة ومتعاونة ومفكرة ومتمكنة من التكنولوجيا
ومحصنة من الأفكار المغلوطة والمنحرفة عصية على كل اختراق فكري أو اختطاف ديني وفعالة
ضمن إطار مجتمع المعرفة بأبعادها المختلفة.
كما اشار الى مبادرة « رخصة المعلم » حيث
ستتم إجراء مقابلات تخصصية واختبارات مهنية لكافة المعلمين في الدولة وإعطائهم الرخص
والتصاريح لمزاولة مهنة التعليم وذلك بهدف جعل جميع المنتسبين لمهنة التعليم على قدر
عال من الدراية والكفاءة في كافة التخصصات من بينها رفع مستوى الوعي لديهم من خطورة
أفكار الجماعات المتطرفة ووسائلهم التغريرية الحديثة وذلك لتحقيق المستهدفات التعليمية
التحصينية المناسبة للطلاب والذي بدوره سيسهم جذريا في تطويق التطرف والقضاء على الإرهاب.
وفيما يخص مبادرة "تطوير مناهج التربية
الإسلامية" قال معاليه ان الوزارة قامت بعقد اتفاقية تعاون مع الهيئة العامة للشؤون
الإسلامية والأوقاف تضمنت بنودها تطوير مختصين وخبراء من الهيئة لمناهج التربية الإسلامية
وتعزيز المرجعية الدينية الصحيحة المعتدلة لدى الشباب حيث كانت مناهج التربية الإسلامية
من أهم الوسائل التي استعملت في العقود الأخيرة من قبل المتطرفين للتلاعب بعقول شباب
الوطن وتوجيههم نحو تنفيذ أجنداتهم وأغراضهم الخبيثة كما تضمن التعاون بين الجهتين:
صياغة خطاب ديني تعليمي تربوي يهدف إلى بناء الشخصية المتكاملة عند الطلبة ويعزز قيم
المواطنة والولاء وذلك من خلال التوعية الفكرية بالمحاضرات الدينية والندوات التوعوية
والملتقيات الثقافية التي تبني الطالب فكريا وتحصنه من مفاهيم التطرف والعنف.
واختتم معالي حسين بن إبراهيم الحمادي كلمته
بالقول : إننا على يقين بأن ما وصلنا إليه من خطط استراتيجية ومبادرات وطنية لتشكيل
البناء المعرفي والثقافي لدى أبنائنا قادرة على تحصينهم من الوقوع في براثن الفكر المتطرف،
وصبغهم بعقلية مستنيرة تمكنهم من أن يكونوا على المستوى الذي تنشده دولة الإمارات العربية
المتحدة وكلنا ثقة بأن تطبيق هذه الخطط سيكون بمستوى دولة لا ترضى إلا بالمركز الأول.
من جانبه قال سعادة الدكتور محمد مطر الكعبي
فى كلمته عن الخطاب الديني في دولة الإمارات العربية المتحدة ان دولة الإمارات العربية
المتحدة بذلت جهودا كبيرة في تطويق التطرف ومحاصرته من الناحية الفكرية من خلال استراتيجية
شاملة تقوم على أربعة محاور:المحور الأول: يعتمد وسيلة سد الطريق أمام التطرف داخليا
بعدم السماح لأصحاب الفكر المتطرف باعتلاء المنابر أو استغلال المساجد أو الوعظ في
المؤسسات المجتمعية والمجالس أو البث لأفكارهم في مراكز تحفيظ القرآن الكريم بالإضافة
إلى عدم السماح بأية إصدارات تنشر الفكر المتطرف أو تؤيده.
اما المحور الثاني فشمل تطوير البرامج الوقائية
للتحصين ضد الأفكار المتطرفة والعمل على علاج جذور التطرف من خلال الشراكة المجتمعية
والقيام بالدراسات والأبحاث بغرض تحليل الجماعات المتطرفة ودراستها وفهم أدواتها ورصد
أطروحاتها وتناول الشبهات التي يثيرها الفكر المتطرف، والرد عليها وبيان المعنى الشرعي
الصحيح لها فيما سعى المحور الثالث الى إيجاد بدائل سليمة والتركيز في هذا الجانب على
إحياء القيم النبيلة وإبراز المعاني الأصيلة للخطاب الديني بما يعزز الاعتدال والتسامح
وينشر ثقافة التعايش والسلام بينما يعتني المحور الرابع بالاستفادة من التجارب الناجحة
على مستوى العالم والتنسيق مع المؤسسات المهتمة بهذا المجال وتضافر الجهود وبناء شراكات
فاعلة داخلية وخارجية ولا سيما في مجال مراقبة التطرف الالكتروني.
وذكر سعادته ان هذه الاسترتيجية الشاملة
برزت لتطويق التطرف الفكري في العديد من المبادرات ومن أبرزها "اعتماد معايير
تعيين العاملين في الخطاب الديني التي تنص على الالتزام بمنهج الاعتدال وتحظر عليهم
الانتماء إلى أي حزب أو جماعة دينية أو سياسية محظورة مع إجراء التقييم الدوري المستمر
لجميع المعنيين بالخطاب الديني في الهيئة من أئمة وخطباء ووعاظ ومفتين ومحفظين"
و " إلزام القائمين على الخطاب الديني بالتعهد بوثيقة التسامح التي تنص على الالتزام
ببنود قانون مكافحة الكراهية والتمييز رقم 2 لعام 2015م في احترام الأديان السماوية
ومعتقدات الآخرين وعدم الإساءة إلى معتقداتهم والمحافظة على الصورة الحضارية لمساجد
الإمارات والارتقاء برسالتها في نشر ثقافة التسامح وتعزيز التعايش بين جميع مكونات
المجتمع الإماراتي وتجنب التمييز في جميع صوره وتعميق المحبة والتلاحم المجتمعي ورفض
خطاب الكراهية وتنمية الوعي الديني وفق النهج المعتدل والتصدي لأفكار التطرف والإرهاب
وتعزيز الانتماء للوطن والولاء للقيادة." .
كما تشمل " ضبط الخطاب الديني في المساجد
ورعاية حرمتها ومنع استغلالها للأنشطة المحظورة في الاجتماعات والتدريس دون تصريح رسمي
وتفعيل قانون رعاية المساجد لضبط العمل في بيوت الله تعالى" وكذلك " إعداد
خطة وعظ سنوية تعزز في محاورها ثقافة الاعتدال والوسطية وترد على أفكار التطرف والتشدد
وتشمل محاضرات وندوات في المساجد والمؤسسات الرسمية والمجتمعية والمدارس والجامعات
والخدمة الوطنية والبرامج الدينية الإذاعية والتلفزيونية لتعزيز التسامح والاعتدال،
وتفنيد شبهات المتطرفين" فضلا عن متابعة الإصدارات الدينية الواردة إلى الدولة
او التي تطبع داخل الدولة ومراقبة المنشورات والمطبوعات التي يتم وضعها في المساجد".
02/06/2018